في قديم الزمان ، كان هناك رجل فهيم بكل أمور العلم ، وكانت لهذا الرجل العظيم طاقية طويلة ، جميلة ، وعجيبة ، ما أن يضعها على رأسه ، حتى يتحقق له كل ما يمر بخاطره وهكذا ، إن تخيل الرجل العالم العظيم فراشة ، ظهرت أمامه فراشة ، لكنه وحده كان يعرف الكلمات السرية التي إن نطق بها تختفي الفراشة وتعود من حيث أتت .
لم يكن العالم العظيم يعيش وحده ، فقد كان له مساعد اسمه راجي ، وكان راجي يقوم بكافة الأعمال المنزلية، كان راجي يمسح الأرض ، ويقطع الأخشاب ، ويجلب الماء من البئر ، وكان راجي على علم بقدرة القبعة العجيبة ، ” يا ليت هذه القبعة لي ” قال راجي لنفسه ” سوف لن أحتاج إلى عمل شيء بعدها ، سوف يمكنني التفكير بالأشياء فتحصل من تلقاء نفسها ، بفضل هذه القبعة العجيبة ” .
في أحد الأيام ، ذهب العالم العظيم بمفرده إلى المدينة ، تاركاً قبعته العجيبة على الطولة ، انتهز راجي فرصة غياب سيده ، وقال محدثاً نفسه ” وأخيراً سوف اصبح عالماً عظيماً ” ، وأخذ راجي القبعة العجيبة ولبسها على رأسه ، مقشة راجي كانت مركونة بجانب الحائط ، ” سوف أطبق علمي على هذه المقشة ” قال راجي مشيراً إليها بإصبعه ، وراح يفكر بما يريد من المقشة أن تعمل بالنيابة عنه .
بدأت المقشة بالتحرك ، وسرعان ما نبتت لها رجلان ، ثم نبتت لها يد يمنى ، ثم يد يسرى ، ” يا مقشة ” أمر راجي ” إحملي الدلو ” حملت المقشة الدلو تماماً كما أراد راجي ، ” اصعدي الدرج ” قال راجي وصعدت المقشة الدرج ، ” إملئي الدلو بالماء ” تابع راجي ، ملأت المقشة الدلو بالماء ، ” ارجعي بها إلى هنا ” قال راجي ، فعادت المقشة بالدلو ، ” اسكبي الماء على الأرض ” أمرها راجي ، فصبت المقشة الماء .
رقص راجي حول الغرفة من شدة الفرح ، ” إن العلم سهل ” قال بصوت عالي ” لم أعد مجبراً على العمل بعد اليوم ” ، ثم جلس على كرسي العالم العظيم وقال للمقشة : ” اشتغلي يا مقشة ، اشتغلي ” ، وبينما كانت المقشة تعبأ الدلو وتسكب الماء ، دخل راجي في نوم عميق ، وأخذ يحلم أنه أعظم عالم في الكون .
فجأة ، استفاق راجي على إحساس بالبرودة والرطوبة ، لقد كانت دفقة ماء ، دفقة أخرى أوقعت راجي من على كرسيه ، مياه ، مياه ، مياه في كل مكان ، المقشة أغرقت الغرفة ، ” توقفي ” صرخ راجي بالمقشة ، ” أقول لكي توقفي يا مقشة توقفي ” ، لكن المقشة لم تكترث له ، راجي لم يكن يعرف الكلمات السرية لإيقافها ، أشار راجي بإصبعه نحو المقشة مهدداً ، لكنها أكملت ، رفع ذراعيه متوعداً ، لكنها دفعته بعيداً عنها ، أمسك الدلو بشدة ، فأمسكت المقشة بالدلو بشدة أكبر .
هل من وسيلة لإيقاف المقشة في قصة القبعة العجيبة ؟
أحضر راجي فأساً ، وجز المقشة إلى قطع صغيرة ، ” هذه نهايتك أيتها المقشة ” قال راجي متنفساً الصعداء ، لكنها لم تكن النهاية ، فالأوصال الخشبية بدأت تتحرك ، وما لبثت كل قطعة أن تحولت إلى مقشة جديدة ، بأرجلها وأيديها ودلائها ، وصعدت المقشات الدرج ولم تتوقف .
عادت المقشات بكميات متزايدة من المياه ، استند راجي إلى الباب ليبقيها خارج الغرفة ، لكن المقشات دفعته وفتحت الباب ، فتح راجي ذراعيه ليمنعها من الدخول ، فعبرت المقشات من فوقه ، ” أنا عالم عظيم ” صرخ راجي بالمقشات ، ” يجب أن تستمعي إلي ” ، لكن المقشات تابعت ذهاباً وإياباً غير عابئة به .أمسك راجي بكتاب العالم العظيم الذي طفا على سطح الماء ، صفحة تلو صفحة تلو صفحة … عبثاً حاول ميكي إيجاد الكلمات التي توقف المقشات .
بدأت المياه تدور ولم يعد بوسع راجي القراءة ، تمسك بالكتاب في حين أخذت المياه تدور به وتدور ، وتدور ، وتدور ، وتسارعت المياه أكثر فأكثر ، ودخل راجي في دوامة ، ولم يعد باستطاعته عمل أي شيء ، فجأة ظهر خيال قاتم على الحائط ، لقد عاد العالم العظيم إلى المنزل ، وعرف في الحال ماذا فعل راجي، رفع العالم يديه وهمهم بكلمات من كتابه ،فاختفت المقشات والمياه على الفور ، إلا مقشة راجل العتيقة فقد بقيت هناك بجانب الحائط .
نهاية قصة القبعة العجيبة
كان العالم العظيم متجهم الوجه ، ينظر إلى راجي بحنق شديد ، وبحركة خاطفة من يده ، انتزع القبعة العجيبة من على رأسه ، ” لقد كانت تجربة علمية صغيرة ” قال راجي محاولاً الابتسام ، لكن العالم العظيم لم يبتسم ، نظر العالم العظيم إلى مساعده الصغير من عل ، وقال له بصرامة : ” لا تبدأ ما لا تستطيع إكماله ” ، حمل راجي الدلو معناً ، وعاد إلى عمله المعهود وهو يتساءل ما إذا سيصبح عالماً عظيماً في يوم من الأيام .